أجواء روحانية تلك التي تعيشها ساكنة إقليم الحوز في شهر رمضان المبارك حيث يعكف فيها الناس على الإكثار من العبادة والتقرب الى الله والتمسك بالترابط الاجتماعي من خلال صلة الرحم بين الأصدقاء والأهل والأقارب.
فخلال هذا الشهر الفضيل، تعرف حواضر الحوز ( أمزميز، تحناوت، آيت أورير..) حركية كبيرة حيث يفد اليها تجار وموظفون ينتمون للحوز ويعملون في مدن مغربية مختلفة لقضاء عطلتهم السنوية وأخذ قسط من الراحة من زحمة وضوضاء المدن الكبرى ليتقاسموا الجو الروحاني والديني مع ذويهم في هذا الشهر المبارك.
ولا يخلو هذا الشهر الفضيل من نشر قيم التضامن والتكافل الاجتماعي بين الأسر والجيران عبر تبادل وجبات الإفطار المتنوعة التي يتم تحضيرها أو توزيع بعض الإعانات والمواد الغذائية الأساسية على الأسر المعوزة قصد تخفيف أعباء المعيشة عنها.
وتتقن النساء الحوزيات فن الطبخ من خلال تشكيل وجبات غذائية صحية ومتنوعة منها على الخصوص شربة (أزكيف) التي تعد أساسا من دقيق الشعير الى جانب الحلويات المتنوعة والفطائر ومشروب الشاي الذي يحتل مكانة استثنائية في تقاليد ساكنة جبال الحوز.
وفيما يخص مميزات مناطق الحوز التي يغلب عليها الطابع الجبلي تنفرد الساكنة بتنوع المناظر الطبيعية من جبال وغابات ووديان وشلالات تضفي على أجواء الصيام روحا من السكينة والطمأنينة في النفوس ، وتخفف من موجة الحر التي تجتاح باقي المناطق في شهر رمضان الذي يتزامن مع فصل الصيف حيث يفضل القائمون على الشأن الديني بالحوز والساكنة أداء الصلوات الخمس والتراويح سواء في المساجد أو الساحات العمومية المجاورة لها أو فوق أسطحها.
كما يفضل عدد كبير من الساكنة في فترة ما بعد الظهيرة اللجوء الى الوديان والغابات وبعض المغارات المتواجدة بالجبال ، حيث تقل درجات الحرارة ، الأمر الذي يدفع البعض من ساكنة المدن المجاورة تمضية هذا الشهر بهذه المناطق الجبلية التي تتمتع بمناظر خلابة وتزخر بمؤهلات طبيعية متنوعة تلبي مختلف رغبات الزوار، خصوصا وأن تلك المناطق تتوفر على منتجعات وفنادق سياحية ومقاهي محلية ومطاعم ليلية تنتشر على امتداد مناطق الاقليم.
منتجعات أوريكة و شلالات ستي فاظمة و برودة أجواء امليل في الصيف و مناطق سفوح أوكايمدن وغيرها متنفسات عمومية تقي شدة الحر، وتعين على الصيام ، حيث يفضل البعض السباحة في مياه الوديان الباردة، فيما مزارعو تلك المناطق ينشغلون في حقولهم بقطف الثمار أو حصاد حرث السنة، وبعد قضاء مآربهم اليومية ، يستلقون تحت أوراق الأشجار اليانعة والوافرة الظل في انتظار آذان المغرب، حيث تمتزج روحانية العبادة مع فرادة الطبيعة .
.