انطلاقا من كتب الفقه والشريعة وتماشيا مع روح العصر، أجازت الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء لدى المجلس العلمي الأعلى، إخراج زكاة الفطر بالقيمة نقدا، لكنها حددت مستويين اثنين في هذه الفتوى، الأول قررت فيه أن الأصل في إخراج زكاة الفطر أن يكون بمكيلة الصاع، بمعنى أربعة أمداد، أي حفنات، من أحد أنواع الأطعمة المقتاتة.
وأوضحت فتوى علماء المجلس العلمي الأعلى أن هذه الأطعمة تتمثل في حبوب الزرع أو الدقيق أو التمر، أو غيرها، أو بما يعادل الصاع منها وزنا، وهو: حوالي (2.500 كلغ)، مما يقتاته ويعيش به غالب أهل البلد الذي يقطنه الصائم، أو يقتاته هو مع أهله حسب مستطاعه ومقدوره.
واعتبر نص الفتوى أن إخراج زكاة الفطر بالصاع عبادة وقربة إلى الله تعالى، نص الشارع الحكيم على كيفية أدائها والقيام بها، مما يقتضي الحفاظ على شعيرتها بارزة وظاهرة في المجتمع، كما شرعت، فيحصل الجمع بين ما تدل عليه نصوص السنة من كيفية إخراجها، والحكمة الشرعية من إيجابها”.
وأفادت الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء بأن إخراج زكاة الفطر على هذا الأصل الذي شرعت عليه هو الواجب المطلوب والمتأكد أولاً، والأفضلُ، والأولى والأكمل، في حق كل من أمكنه ذلك وتيسر له”، وهذا الرأي قال به جمهور الأئمة والفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة، وهو المستفاد من نصوص مختلف كتب الفقه المالكي وأقوال علمائه.
وأما المقام الثاني، بحسب ذات الفتوى، هو الرأي الذي يقول بجواز إخراجها بالقيمة نقدا، لمن رأَى ذلك أسهل عليه وأيسر له في أدائها، وأفيد وأنفع للآخذ المنتفع بها من فقير ومسكين، فيجوز له حينئذ إخراجها بالقيمة نقدا”، يورد نص الفتوى للمجلس العلمي الأعلى.
وبخصوص حالات إخراج الزكاة نقدا أوردت الفتوى ، أنه “من تعذر عليه إخراجها كما شُرعت من حبوب الزرع والدقيق والتمر ونحوها لسبب ما، أو لوجوده في بلد غير وطنه الأصلي، ولا يوجد فيه من يستحقها من فقراء المسلمين وضعافهم، وكحال ما إذا اقتضى نظر ولي أمر الأمة وإمامها الأعظم إخراج قيمتها نقدا”.
واعتبرت الهيئة أن هذا الرأي القائل بجواز إخراج زكاة الفطر بقيمتها النقدية، استنادا إلى حكمة مشروعيتها من إغناء الفقير والمسكين، واستنباطا من نصوص بعض الأحاديث الواردة في زكاة الأموال بصفة عامة، يدخل في باب الأخذ بمبدأ اليسر ورفع الحرج عن الناس”.
وأفادت الفتوى بأن مبدأ اليسر يعد أصلا متأصلا في دين الإسلام وشريعته السمحة، بنص القرآن الكريم والسنة النبوية، وفيه يقول الله تعالى: “يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر”، ويقول سبحانه: “وما جعل عليكم في الدين من حرج”، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يسروا ولا تعسروا”.